الرقية الشرعية ومشروعية العلاج بالقرآن
موضوع بالرغم من سهولته بالنسبة للكثير، إلا أنه قد يكون غير مألوف أو به غموض بالنسبة لبعض الناس، وبالرغم من الفائدة العظيمة للرقية الشرعية، وما تحققه من شفاء جسدي ونفسي …
سنتعرف في مقالنا أهم الأمور والجوانب عن مدى مشروعية العلاج بالقرآن والتداوي بالرقية الشرعية
الرقية الشرعية هي الإلتجاء إلى الله- عز وجل- وسؤاله بأسمائه العظمى التي أنزلها لنفسه، وعادة ما تكون هذه الأسماء تحمل معنى الشفاء حتى ينقي الله الجسد من الأمراض والعين والحسد والسحر، وخلافهم.
فلا يمكن إنكار الحسد والعين، بعد ورودهم في القرآن الكريم ، ولا سيما مع صراحة النص ودون حاجة إلى تفسير، كقوله تعالى: (وإن يكاد الذين كفروا ليُزلقونك بأبصارهم) [القلم: 51]، وكذلك قد جاء في السنة النبوية، قوله- عليه الصلاة والسلام: “الْعَيْنُ حَقٌّ، ولو كانَ شيءٌ سابَقَ القَدَرَ سَبَقَتْهُ العَيْنُ، وإذا اسْتُغْسِلْتُمْ فاغْسِلُوا” رواه مسلم.
ومن أدلة السنة على مشروعية الرقية أن النبي- عليه الصلاة والسلام- كان دائم النفث بالمعوذتين على من يمرض من أهله، وكذلك كان ينفث على نفسه بهم إذا أتاه المرض.
وكذلك هناك بعض الأدعية التي ثبتت في السنة النبوية وذلك مثل حديث رسول الله- عليه الصلاة والسلام- «ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: باسم الله ثلاثاً، وقل سبع مرات أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» (رواه مسلم).
وقد جاء في آيات القرآن الكريم (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) فصلت/44.
الرقية الشرعية للوقاية من العين :
وعند البحث في الشريعة الإسلامية والسنة النبوية، يتضح أنه من المستحب قراءة بعض الآيات القرآنية للشفاء، وذلك مثل آيات سورة الإخلاص، وكذلك آيات سورة الفاتحة .. كما يستحب قراءة المعوذتين،
على أن يتم قراءة هذه السور ثلاث مرات، مباشرة بعد الانتهاء من صلاة فرضي المغرب والفجر.
وكذلك قد ثبت عن السنة النبوية قول دعاء” أعوذ بكلمات الله التامات من شرِ ما خلق.” على أن تكرر كذلك ثلاث مرات.
بعض آيات الرقية الشرعية الواردة في سورة البقرة :
وردت آيات الرقية الشرعية في سور مختلفة في القرآن الكريم ، وكثير منها في سورة البقرة وهي أكبر سور القرآن ، ومنها بعض الآيات الآتية:
أوائل سورة البقرة (الم*ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ*الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ*والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ*أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة: 1-5]
وكذلك آية الكرسي (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ*) [البقرة: 257-255].
أواخر سورة البقرة (*آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ*لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) [البقرة: 286-284].
الرقية الشرعية في السنة النبوية :
قد ورد عن النبي( صل الله عليه وسلم) بعض الأدعية التي تقال في الرقية ومنها:
بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ويكرر ثلاث مرات.
أعوذ بكلمات الله التامّة من كلّ شيطانٍ وهامّةٍ وكلّ عينٍ لامةٍ.
أعوذ بكلمات الله التامّات من شرّ ما خلق.
وكذلك يقال النصف الأخير من التشهد (الصلاة الابراهيمية).
فوائد الرقية الشرعية :
قبل البحث عن فوائد الرقية الشرعية لابد من معرفة أن أساس الرقية الشرعية هو اليقين، فبدون اليقين لا فائدة لها، كأن يظن المرء أنه سوف يجرب ما يسمعه من رقية شرعية.
وإن أراد الله- عز وجل- المن على عبده بنعمة الشفاء، فقد تحققت أمنيته.
ومن أمثلة الوقائع التي ظهرت فيها فائدة الرقية الشرعية ومشروعية العلاج بالقرآن واضحة جلية، هي واقعة الصحابي الذي صادف رجلاً كان في قدره أن يصاب بلدغة عقرب، فقام الصحابي برقيته بقراءة آيات سورة الفاتحة وتكرارها عليه ، وقام بالتفل على مكان اللدغة، فأصبح الرجل بخير تام، وهكذا تكون بركة اليقين.
حكم الرقية الشرعية :
أجاز علماء الشريعة الإسلامية باستنباطهم من القرآن الكريم والسنة النبوية التداوي بالرقية الشرعية، ولكن مع اشتراط ألا تكون بدعية، وأن تكون مستمدة من آيات القرآن الكريم ومن أحاديث السنة النبوية، أو حتى بأسماء الله والدعاء بصفاته العليا، وكذلك الأدعية المباحة.
وكذلك لابد من التوكل التام على الله- عز وجل- إذ أن الشفاء أولاً وأخيراً بتقدير الله وبإرادته سبحانه وتعالى ، وكذلك يجب الأخذ بالأسباب، والإيمان بوحدانية الله في النفع والضر، وقد جاء عن النبي- صل الله عليه وسلم- : (لا بأس بالرُّقى ما لم تكن شِركاً).
إلى هنا اخواننا الكرام نكون قد تناولنا أهم الجزئيات التي تخص الرقية الشرعية ومشروعية العلاج بالقرآن من آيات قرآنية وردت في سورة البقرة وأحاديث نبوية، وأدعية ثبت ورودها في السنة النبوية كذلك، وذكرنا أهم شرط في الرقية الشرعية ، ونسأل الله أن يمن بالعافية والشفاء العاجل لكل مصاب ومبتلى ، وأن يجعل صبره ثواباً يسعد به في دنياه وأخراه .
تعليقات
إرسال تعليق